بين خبرين أطلت أوجاعنا، تجسدت متاعبنا، انعكست لامنا وهمومنا .. سطورهما المتناقضة فجرت مشاعر السخرية الموجعة، أحدهما نشر على إستحياء فى ذيل الصفحة الأخيرة كلماته تنطق بالإعتذار وتبدى الأسف والندم على تجاوز صدر من إحدى المدارس الدولية بالغردقة قامت بنشر صور لعدد من طلابها بينما يقومون بتشريح أرنب .. الصور أثارت إستياء مشاعر عدد من المصريين والأجانب الداعمين لحقوق الحيوان والمطالبين بالرفق به، وهو مادفع المدرسة للدفاع عن نفسها وتحسين صورتها والتأكيد على إتخاذها لجميع الأجراءات التى تحفظ حقوق الحيوان حيث تمت عملية الذبح بمعرفة "الشيف" الخاص بالمدرسة .. سطور الخبر الذى نطق بالرحمة ربما يبدو متناقضا تماما مع سطور أخرى لخبر بنفس الجريدة تصدر صفحتها الأولى تفاصيله ترصد لنا معاناة أهالى مثلث ماسبيرو الذين فوجئوا بهدم ماتبقى من منازل لم يغادرها اصحابها بعد، ولم يحصلوا على المستحقات التى حددتها محافظة القاهرة سواء التعويضات أو المساكن البديلة .. لم ينتظر مقاولو الهدم أياما قليلة كانت كفيلة بمنع تلك النهاية الماساوية لسكان شارع شركس بماسبيرو، لم تمهلهم معاول الهدد فرصة لتدبير حالهم بالحصول على التعويضات و البحث عن شقق بديلة .. أخرصت القوة صوت الرحمة ولم تحرك مأساة الأجساد المشردة التى لم تجد سوى الشارع مأوى لها، لم يرحم أمر الهدم ضعف وقلة حيلة وعجز البسطاء، ضاعت حقوقهم .. ولم يجدوا من القلوب الرحيمة التى تتبنى أوجاعهم وتنادى بالرفق بهم، فكان العراء مصيرهم .
صرخات ومتاعب أهالى ماسبيرو بالأدق لم تجد ذانا رحيمة تسمعها، مثلما لم تجد إستغاثات أصحاب المحلات الذين كادوا يفقدون مصدر رزقهم وجاءت التعويضات الهزيلة من وجهة نظرهم لتضاعف همومهم فهى لاتكفى فى ظل غول الغلاء لتدبير محلات بديلة.
بين هؤلاء وغيرهم اللاهثين وراء حقوقهم الدمية وبين المستميتين لإبراء ذمتهم وصورهم المحافظة على حقوق الحيوان والرفق به يتجسد التناقض الموجع العصى على التجاهل والتغاضى والنسيان، إرحموا من فى الارض .حتى لاتحرمون رحمة من فى السماء .
